الجمعة، ٥ أكتوبر ٢٠٠٧

حين يتجرأ رجال " الأمن " علي حرمات النساء رسالة من زوجة العالم المصري المعتقل الدكتور عصام حشيش


حينما أخذوا زوجي الدكتور عصام حشيش قال "أستودعكم الله" فقلنا له "نستودعك الله" أيضًا، وهكذا أصبحنا في كنف الله جميعًا ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾ (الزمر: من الآية 36).كنتُ أردد هذه الآية للأولاد حينما توعدنا أحدهم بالرجوع مرةً أخرى بعد اقتياد زوجي معهم وإصرارهم على أخذ مفتاح الشقة وتهديد زوجي بأنه سوف يعود مرةً أخرى.لكن لم يخطر ببالي أنه سوف يُنفذ هذا التهديد؛ كنتُ رغم ما حدث من اعتقالٍ ظالمٍ لزوجي وأمرٍ مجحفٍ بعدم التصرف في أموالنا التي ما جمعناها إلا من كدٍّ ومن تعب؛ فلم نتاجر في الفياجرا ولم نتاجر في المخدرات ولم نتاجر في أرواح البشر ولم نتاجر بصحةِ الناس؛ كنت رغم كل هذا أظن أنه ربما توجد خطوط حمراء لكرامة الإنسان؛ ولكني صدمتُ لما حدث معي يوم الإثنين 13/3/2007م، الساعة التاسعة مساءً فقد كان يفوق كل ما حدث لنا من قبل من إرهاب.حينما طرقوا عليَّ الباب وأنا بمفردي في الشقة زاعمين أني أُخبِّأ أحدًا عندي بالمنزل ذكرتُ لهم أني بمفردي في الشقة وليس معي أحدٌ من أولادي ولا أستطيع أن أفتح لهم الباب إلا في وجود أحد من أولادي؛ وطلبت منهم أن يمهلوني للاتصال بأحد أبنائي ليحضر ولكنهم رغم ذلك استمروا في الطرق على باب المنزل بعنفٍ شديدٍ وتهديدي بكسر باب الشقة؛ حتى حينما قلتُ لهم إني سوف أرسل للصحافة لترى ما تفعلونه بالنساء بعد أخذ أزواجهن قالوا: "أنتِ عارفة إن إحنا مش بيفرق معنا صحافة"؛ وحينما طلبتُ منهم إذن التفتيش قالوا "إحنا مش بتوع إذون، وأنتِ تعلمي هذا فدائمًا نأتي دون إذن".. بالطبع ودون خوفٍ من المساءلة من أحدٍ لأنَّ هذه أشياء ليست في قاموسهم.كلما أتذكر محاصرتهم لي وأنا امرأةٌ مسنةٌ- أبلغ من العمر 55 عامًا- في بيتي وتهديدهم لي بكسر باب منزلي أشعر بأنني في ذلك اليوم لم أكن في بلدي التي أُحبها وما زلتُ أحبها وسوف أظل أحبها مهما فعلوا بنا، بل شعرتُ لحظتها أنني في العراق وأنَّ المحاصرين لي هم أمريكان يقتحمون بيتًا أعزلاً كما نرى في نشرات الأخبار أو حتى في فلسطين محاصرين بجنود الاحتلال.إحساس فظيع أن تشعر بعدم الأمان في بلدك وفي بيتك، مرَّ بي سريعًا، ثم تلته رحمات الله وسكينته عليَّ وتذكرتُ كلمات زوجي "أستودعكم الله" فاستشعرت معية الله معي.كنتُ أعلم معية الله علم اليقين فأصبحتُ أراها عين اليقين تبدَّل خوفي أمنًا واضطرابي ثباتًا وأحسستُ بالاطمئنان لحفظ الله لي، وبعد أن كنت أخشى من فتح الباب وبعد نصف ساعة من الترويع لي من الخارج وإصراري على عدم فتح باب المنزل إلا بوجود أبنائي وإظهار إذن التفتيش الذي لم يكن معهم ولم يظهروه لي اضطررتُ أخيرًا أن أفتح باب المنزل وحفظني الله.ولكن تساؤلات كثيرة تتوارد على خاطري:- لماذا كل هذا العداء لنا ونحن لا نحمل لهم عداءً؟؟- أين حقوق المواطنة التي تغيَّرت من أجلها مواد عديدة في الدستور؟؟- أين المجلس القومي للمرأة الذي يدعي أنه ينادي بحقوق المرأة المهدرة؟؟- ألم تُهدر حقوقي حينما أخذوا زوجي دون جريرةٍ أو ذنبٍ سوى أنه يريد الخيرَ لبلدِهِ؟؟- ألم تُهدر حقوقي حينما اقتحموا بيتي وفتشوا في كل شيء حتى حجرة نومي فلم يعد لي خصوصية؟؟- ألم تُهدر حقوقي من قبل حينما صدر حكمٌ بعدم التصرف في أموالي دون إعطاء أي فرصة لي أو للمحامي للدفاع عن حقي؟- ألم تهدر حقوقي وحقوق أولادي حينما ارتفع ضغطي بعد هذه الواقعة وأثَّر صحيًّا عليَّ وعلى أولادي حتى اضطررتُ أن أُعطي أحدهم مهدئًا!!.- أين منظمات حقوق المرأة مما فعل فيَّ من تهديدٍ باقتحام المنزل دون حتى أن ينتظروا أن يحضر بعض أبنائي ليقف معي؟أخيرًا لقد شعرتُ هذه المرة بأنهم يقصدوننا نحن الزوجات والأبناء بهذه التصرفات للضغط علينا والتضييق حتى نكون أداةً للضغط على أزواجنا، ولكني أقولها.. فوالله الذي لا إله غيره لن يفلحوا في هذا، فمن خالط النقاء والطهر وعاشره لا يرضى به بديلاً ولا يمكن يومًا أن يكون سوطًا للجلاد عليهم.وهذه التصرفات لن تزيدنا- بإذن الله- إلا اعتصامًا بالله وتمسكًا بدعوتنا، ولن يضيعنا الله لأننا ننشد الخير لأمتنا وأهلينا.. ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ﴾ (الرعد: من الآية 17).

ليست هناك تعليقات: